الجمهور مايسترو العمل الدرامي
هناك نوعان من الأعمال الدرامية، الأعمال التي تسعى للجماهيرية فتضع ذائقة الجمهور في المقام الأسمى للحكم والنقد على العمل الدرامي، والأعمال التي تضرب بالجمهور عرض الحائط للاستحواذ على رضى المهرجانات والنقاد والجوائز وإن لم يستحسنها أو حتى يفهمها الجمهور.
ككاتب سيناريو عليك أن تعي أن الجمهور عنصر فعال في نجاح العمل الدرامي، وأن ذائقة الجمهور اختلفت عن العصور الماضية، فلم يعد جمهور اليوم مجرد مراقب ومشاهد للعمل الدرامي فحسب، بل أصبح مشارك ويطالب بأن يُعطى ذات المساحة التي تُعطى لأي عنصر نجاح آخر في العمل الدرامي.
عليك ككاتب سيناريو أن تعطي جمهورك الإشارات اللازمة ليقوم بالاستنتاج بنفسه، لا تقلل من ذكائه وقدرته على الاستنباط والفهم والتحليل والربط، لا تلقمه النص، وكلما كنت ذكيّاً في مفاجئته بما لم يخطر على باله فستكون مثار دهشته وحبه واحتفائه بعملك بل وتطلعه الدائم لأعمالك القادمة.
عليك كذلك أن تتملك أدواتك، فيشعر من خلال نصّك بأنك تمسك الخيوط بشكل محكم، لديك حبكة مثالية، تعرف تماماً ما ستقوم بفعله، وكيف تفاجئه وترغمه على أن يُدهش بشكل لم يكن يتوقعه. لذا تجنب أن تخبر الجمهور بما يعرفونه أصلاً، تجنب الأمور البديهية والكليشيهات والتفاصيل المعروفة والأحداث المملة والنهايات المتوقعة.
إياك عزيزي الكاتب أن تلمح بأي شكل من الأشكال عبر السيناريو بأنك أذكى من الجمهور الذي يشاهدك.
تمرين عملي:
قم بعمل ورشة جماهيرية، اختر عينة عشوائية من الجمهور وشاركهم قصة السيناريو، واسألهم:
- هل القصة والحوار مقنعة؟ ممتعة؟
- ماهي الأمور التي يتمنوا معرفتها أكثر عن القصة؟ أو الشخصيات؟
- هل كان باستطاعتهم اكتشاف الأحداث؟ أو توقعها؟
- هل النهاية كانت واضحة ومفهومة؟ أم كانت مفاجئة؟
تنويه:
هذه السلسلة عبارة عن دروس في الكتابة الدرامية، أقوم فيها بنقل ما تعلمته واستفدت منه بشكل شخصي، سواء على صعيد القراءة والاطلاع أو الدراسة والمعرفة أو الدورات والتدريب، وذلك لإيماني الكبير بحاجتنا لتعلّم أدوات الكتابة وصناعة المحتوى من أشخاص سبقونا كثيراً في هذا المضمار، خاصّة في ظلّ شحّ المصادر المعرفية المتاحة باللغة العربية. وهذا الدرس مستفاد من دورة للسيد آرون سوركين .