في التعريف اللغوي الفنان هو صاحب الموهبة الفنية كالشاعر والكاتب والموسيقي والمصور والممثل، وهي مبالغة من فن. في حين أن التعريف اللغوي للمبدع هو المنشئ والمبتكر. إلا أن الشائع في أذهان الناس بشكل عام خارج الصناعات الإبداعية أن المصطلحين يدلان على نفس الشيء فالفنان مبدع والمبدع فنان!
في الحقيقة أن المصطلحين داخل سياق الصناعات الإبداعية يحملان معاني مختلفة ودقيقة
التعريف:
الفنان هو المبتكر والممارس لأي شكل من أشكال الفنون وفي الغالب يكون مدفوعا بالعاطفة والرغبة في التعبير والتفسير، وعمل الفنان يكون شخصيا وفريدا وليس دافعه الأساسي هو العائد المالي والتسليع التجاري.
المبدع هو المحترف الذي يعمل في إنتاج السلع والخدمات والإبداعية كالتصميم الجرافيكي والإعلانات والتسويق، ويميل عمله رغم إبداعه إلى أن يكون لأغراض تجارية محددة لجهة تجارية أو عميل مستهدف.
الحافز:
ما يحفز الفنان في العادة هو حاجته الشخصية والأساسية للتعبير عن أفكاره وعواطفه، مدفوع بالحاجة للاكتشاف ولذا يبتكر دون وجود جمهور محدد أو هدف تجاري واضح أو عائد مالي متوقع، وهو ما ينطبق عليه جملة “الفن للفن”.
في حين أن المبدع تكون أعماله خليط بين الأهداف التجارية والوظيفية وبين تعبيره الشخصي داخل الإطار التجاري لذا يبتكر أعماله مراعيا للجمهور والعميل واحتياج السوق وليس التعبير الذاتي، فدافعه خارجي وليس داخلي.
الجمهور:
بإمكان الفنان أن يبدع وينجح بدون جمهور محدد، فدافعه المحض هو التعبير الذاتي والرضا الشخصي، رغم ذلك يأمل أن يلامس بفنه الجمهور على نطاق واسع ويتفاعل معه.
أما المبدع يقوم بتصميم أعماله الإبداعية لجمهور معين، وفئة مستهدفة، وعمل محدد، فالهدف هو تحقيق مستهدفات تم وضعها مسبقا وفق خطة لترويج علامة تجارية أو اتصال فعال أو تحقيق مبيعات.
التقييم:
أعمال الفنان على الأغلب غير قابلة للقياس الكمّي، فنجاح الفنان الشخصي يختلف من فنان لآخر، فقد يكون الاكتفاء الذاتي والإشباع الشخصي، أو التعرف على الأقران أو التأثير الثقافي والذي قد يحدث لأجيال.
في حين أن نجاح المبدع مرتبط بنتائج دقيقة قابلة للقياس، فتقييم فعالية عمل المبدع وجدواه يحدث بشكل متكرر وفق الأهداف والمعايير المحددة سابقا لإنتاجه الإبداعي، مثل المبيعات، واشتراكات الجمهور، ورضاء العملاء.
مساحة العمل:
الفنان يعتبر العالم لوحته الواسعة بكل مكوناته وأدواته، ويمتد بفنه إلى أي وسيط وقالب يختاره طالما أنه يستطيع من خلال هذا القالب أن يوصل مشاعره وفنه الذي قد يكون رسم تقليدي أو رقمي، قد يكون موسيقى أو فن أدائي، قد يستخدم الرمل أو الزجاج أو الحديد أو الضوء فكل شيء بالنسبة له وسيلة لإيصال شعور
أما المبدع فيعمل في قطاع محدد وصناعة لها معاييرها المحددة الملزمة بمواصفات العميل ومتطلبات السوق مثل التصميم من الأزياء للأثاث للجرافيك أو الإعلان أو الإنتاج المرئي الخ
الدخل المالي:
يكافح الفنان في العادة لتحقيق دخل مجزي من عمله، ويعتمد غالبا على صالات العرض والرعاة والمنح والوظائف الجانبية، والبعض يحقق نجاحها تجاريا هائلا رغم أنه ليس هدف أعمالهم الأساسي
المبدع يكسب دخل مالي ممتاز نتيجة ممارسته لمهاراته الإبداعية عبر الوظيفة أو المشاريع المستقلة أو الاستشارات.
الخلاصة
النسيج الثقافي الإبداعي للمجتمع يتكون بشكل أساسي من الفنانين والمبدعين، على اختلاف أدوارهم وأهدافهم، لذا من الضروري تقدير الفروقات بينهم وفهمها عند التفاعل معهم وتوظيفهم، فكل منهم يلعب دورا محوريا في إثراء الخيال والابتكار والجمال